طرائف أدبية من تراث الكويت

طرائف أدبية من تراث الكويت 

نتوقف قليلاً عن الركض في صفحات التاريخ الدسمة ونتملح معكم في صفحات لطيفة من التراث الأدبي للكويت وبعض المواقف الطريفة الممتزجة بالشعر فصيحة وعاميه ونبدأ مع هذه الطرائف:

طاقوطرباق
في أواسط القرن العشرين كان الحصول على الماء في الكويت أمراً عسيراً قبل إنشاء محطات المياه حيث يباع بالصفيحة القوطي،

  ويصف الشاعر فهد بورسلي هذه المعاناة بقوله:
طاق وطرباق ع الماي
وين نولّي يا مولاي
شايبنا يمشي ويطيح
نوبة يصوّت، نوبة يطيح
ش ازيد من هذا التصريح
صوّت ولا له حمّاي
وعجيّزنا مثل البطة
تشيل القوطي وتحطه
بذمة من دبّر ه الخطة
خلّى العالم رايح جاي
شيل القوطي يبغى الحيل
وين الحرمة ووين الشيل؟
كم مرة يدعمها التيل
وتشنقل مثل السبّاي

النفط الغزير
في أوج أزمة المياه في الكويت  نبع النفط من أرضها
فقال الشاعر فهد بورسلي متمنياً انقلاب النفط إلى ماء
ليت هالنفط الغزير
ينقلب ماي غدير
ما نبي النفط ومعاشه
صرنا للعالم طماشة
أهلنا ماتوا عطاشى
ضاع بالطوشة الفقير

سنة البشوت
أمر حاكم الكويت  الشيخ أحمد الجابر سنة 1931م بمنع لبس البشوت
وذلك مراعاة لكساد أسواق اللؤلؤ والحرج الذي يصيب الفقراء الذين لا يملكون بشتا وكان القرار غريباً على الأهالي، وقد تم إلغاؤه بعد فترة قصيرة.

وكان الشاعر إبراهيم الديحاني معارضاً للقرار وفي هذه القصيدة يربطه بموجات التحديث التي بدأت تهل على الكويت  من تأسيس المدارس والنادي الأدبي وظهور السيارات، والجويت بالجيم الفارسية (زهرة الغسيل الزرقاء(

دشيت يم السوق جاري العاد
مستانس للشي ما صار بينه
والا .. أشوف اللون في ناس افراد
في دقلة والخيزرانة يمينه
قلت السبب ! هل كيف تمشون لا عاد
بشت يذريكم عن البرد وينه
قالوا : تسمع لا عدمناك يا واد
عصر جديد وتونا داخلينه
وقفيت ارد الراي باليوم ترداد
وظليت هايم و القضية كنينة
من يوم حكيات المدارس من الناد
وشفت المواتر مشيها في مكينة
وبان الجويت وهبت الناس به عاد
وشفت الكلام محرف عن يقينه
وقالوا عن المودات والعلم يزداد
عرفت إن البشت قد حل حينه

مأدبة في المهبولة
في الثلاثينيات لم تكن الدعوة التي وجهت للشاعر إبراهيم الخالد الديحاني لمأدبة غداء في المهبولة جنوبي الكويت مغرية إذ أنه يتمتع بمغريات أكثر في بيته
فرد على بطاقة الدعوة بالقول:

هذا كتابي من يعين رسوله
يركب على فورد يمشيه بالحيل
ويعطيه ناسٍ ساكنين امهبولة
وفي ردته يمشي سريعٍ كما الريل
مكشاتكم هذا عساها سهولة
ولعلها تضفي عليكم هماليل
ومكشاتنا بالبيت اسمع لقوله
بالخط عكسه لى قريته بترتيل
من عندنا بالمقصب بعرضه وطوله
مساطرٍ لحم الوراجين والحيل
فإلى طبخ جيته أذوق البلولة
والى الطماطا طافحة كالجبابيل
هذا غدا والشاي معلوم حوله
والى بقى شي نخليه لليل
والا اللبن والروب شي مهوله
طايح لك الله بالمواعين ما شيل

الشــــــــــاي
عندما بدأ الشاي في غزو دواوين الكويت  منافساً القهوة (المشروب التقليدي) لم يجد الشاعر إبراهيم الخالد الديحاني حلاً سوى نظم قصيدة في هجاء الشاي وشاربيه:

يوم شفت الشاي غادين له قدر
واليمانيّة تذمر يا حضير
اسأل العربان عنها والحضر
واسأل اللي في مهاده لو صغير
قول : يالشاي هو ويا الشكر
باستكانات وغوين نظير
أو الدلال مركيات مع نجر
فيهن البن المصفى .. أيا خير ؟
اعرف ان الشاي مشروب البزر
أو حريم من فوق الحصير
أو ردايا ما عليهم معتبر
ما يدارون الفشيلة والمعير

سنة البطاقـــة
أثناء الحرب العالمية الثانية وبالتحديد سنة 1942م قلت الأرزاق فاضطرت الحكومة في الكويت  لتوزيع المؤونة ببطاقة التموين في بناية الخنيني وسميت تلك السنة بسنة البطاقة.

وقال بالمناسبة الشاعر فالح السويلم مخاطباً أحد المسئولين وأظنه يقصد الشيخ فهد السالم الصباح:

آه وا شيب حالي من سنين القطاعة
أول العام ما جتنا ودنيا رخيّة
كل منا صلاة الصبح يومي كراعه
يمّ قصر الخنيني والمصارف قوية
شيخنا يا فهد ابصر بحال الجماعة
كيف بيوت الحمايل كيلها بالوقية

غـــلاء الأسعـــار
في أزمة غلاء أسعار كالتي نعيشها هذه الأيام
كتب الشاعر الكويتي عبد الله سنان
المتوفى سنة 1984م قصيدة منها:

اتقوا الله يا رجال التجارة.. جِئتُمُونَا بما يَفتُّ المرارة
جئتمونا بضغطكم واحتكار الـمال حتى أغلقتُمُ أنباره
ارحمونا حتى الزهيدِ من العيــش علينا رفعتُمُ أسعاره
من لِرَبِّ العيال كيف يلاقي ذلك الغول بالقوى المنهارة
كيف هذا الفقير يحتمل الجوع ولم يَمتَلِكْ ولا سيجاره
يَجرعُ الهمَّ والشَّقَاء ولم يَشْــكُ إلى غير ربِّهِ تجّاره
شهد الله أن أحشاءه الحرّى بها الجوع عاملا منشاره
مُستمرُّ العناء لا يتوانى تَارةً يأكل الطَّعَام وتارة
ليلُهُ حُرقَةٌّ وهمٌ مقيمٌ ويُقَضِّي على الشقاء نهاره
يرسل الأنَّة الأليمة ليلا وهي في سمع غيره قيثارة
يَطلبُ العيش وهو كالحوت في البحر وهيهات تعلق السنا ره
والسَّرَاحِين حوله تتعاوى رافعاتٍ أذيالها خثّاره
لم يكن ثَمّ من معينٍ لديه يردع الذئب يمنع استهتاره
يدخل الربح في جيوب ذويه ولنا العدم منهم والخسارة
كل مستهلكٍ ينوء بأعباء الغلا والغنيّ يجني ثماره
يتعالى على الفقير بما يمـلكهُ من تجارةٍ وعماره
لم ينل منه صاحب الدَّخَل المحـدود إلا استخفافه واحتقاره
إن هذا الفقير والعامل الكادح فيه الشقاءُ يوقد ناره
وقلوب التجار رَانَتْ عليها قسوة كالحديد أو كالحجارة

الغـــــــواص
بسبب مشاق البحر فإن الشاعر جمعان بن حضينة العازمي كان يتمنى لو فارق السفينة ويعود إلى البادية ويبدو أنه كان مريضاً بالمعدة
لذلك أمر النوخذة (قائد السفينة) بسقيه شراب العشرج المر فقال:

هنيّ من فارك السنبوك
شاف الغنم والبعاريني
تسعين ليلة وأنا مملوك
كنّي من السوق شاريني
والنوخذة حلّني بملوك
عشرج من الصبح يسقيني

يابنـــت
في أخريات أيامه دخل الشاعر صقر النصافي أحد الأعراس فرأته فتاة كانت تتطلع لرؤيته ولكنها عندما شاهدته فوجئت بكبر سنه وقالت: يترب شبابك فرد عليها حالاً:

يا بنت لا يترب شبابي ولا بيك
يترب شباب اللي يحطك حبيبه
عيّا زرار الثوب ياصل علابيك
منتفخة كنّك صميل الرويبة
وهنا تدخلت أم الفتاة راجيتاً الشاعر أن يوقف سيل الهجاء.

مرثية الحــــــذاء
في زيارة للشاعر مسعود بن سند الرشيدي لمجلس الشاعر الكبير مرشد البذال فوجئ عند خروجه بفقدان حذائه الذي هو على حد قوله مركوب عزيز رافقه، وحمله دهراً كان فيه خير رفيق
فأنشد مخاطباً مرشد:

وانا بدار مطوع الضد لى عال
نعولي اللي لي بملبوسها شوق
جتني من الزلفي حشا مالها أمثال
ناس تسير للدواوين للبوق
رصاصة المجلس خبيثين الاعمال
يا بو عبيد لي مشاريه وحقوق
والحق عند الأجاويد مدخال
فما كان من مرشد إلا أن رد عليه بقصيدة يخلي نفسه فيها من المسؤولية
ويعده بالعوض المضاعف:

يا بن سند ماني بحذاك مشبوق
اللي غدت ما بين عاقل وجهال
حنا بديوان مثل هيضة السوق
ديواننا للربع شرواك مدهال
ولاني باحط نعالكم وسط صندوق
من قام قلت : حذاك يا طيب الفال
ولا لي على ظلم المسايير طاروق
أقول ردوا، عندنا بوقة نعال
لا يستوي قلبك من الهم محروق
ما فات خله، واطلب الله بالاقبال
والله لاعوضك واجعل الطاق مطبوق
واني لاطرش لك على نجد جمال
ومن الطريف أن مرشد البذال نفسه تعرض لموقف مماثل عندما سرق نعاله هو وصديق له في مسجد بمنطقه الفنطاس التي لقبت في إحدى الأغاني القديمة بملعب الغزلان فعادا إلى المنزل حافيين وأنشد مرشد يقول:

في مدهل الغزلان ضاعت نعالي
في مدهل الغزلان لامره السيل
كانه من اول مدهل للغزالي
اليوم اظنه مدهل للمهابيل
دشيت مسجدهم ولاني لحالي
معي شهود من فحول الرجاجيل
أصلي الجمعة ولاحس بالي
إن الحرامية ورانا مخاتيل
يوم انتبهت.. لموقع النعل خالي
قمت اتفكر على نعلي يغنون يا ليل
أنا وابو يوسف قضبنا الظلالي وحنا حفايا ونهبونا
فريسة ما
في إحدى المحاورات المشهورة بين الشاعر النجدي سليمان بن شريم
والشاعر الكويتي صقر النصافي قال الأول يلوم زميله على إفلاته لفريسة جاهزة
والمعنى واضح:

ألا يا صقر يا صقر الندم يا مرتخي الجنحان
علامك يوم مرّتك الحباري ما تدمّيها
نطحني محمل الجرمن يضده محمل السلطان
عساكرها تراطن والمكاين سوّها فيها
عليهن من ملابيس الغوى من سوق ابن رشدان
نفانيفٍ على المودة جديداتٍ مطاويها
فرد صقر مؤكداً أن امتناعه عن الصيد هو توقف تكتيكي لا أكثر:
أنا ماني بطيرٍ ما يصيد الصيد يا سليمان
يبات بجوع والجنحان بالتكفيخ موذيها
أوقع لين اشوف اللي تسرّ القلب والاعيان
وابادرها بمخلابٍ مقرّه في ثناديها

يارجـــل روجــــي
في بدايات الشاعر مرشد البذال أراد أصدقائه توريطه عندما أخبروه بوصول شاعر قلطة من نجد بسيطالمستوى.
فذهب لملاقاته وعندما بدأت المحاورة اكتشف البذال الورطة التي أوقع نفسه فيها.
إذ أن الشاعر النجدي ليس سوى الشاعر سليمان بن شريم الذي كان ملء الأسماع أيامها
وعندما جاء دور مرشد قال
ألا يا رجل روجي وروجي عن ماقف الحقران
إلى ذعذع هبوبك خلّي الديرة لاهاليها
فرد سليمان مشجعا:
يقوله من شكا حر السموم ولاهب الضيّان
أنا طربان والا كان اكبّ الديرة واخليها
فقال مرشد موضحاً للمقلب الذي عمل فيه
ألا يا نفس ياللي طاوعت لفلان هو و فلان
عسى ربٍ رماها بالتهالك ما يخليها
أنا مالي بها مير اقترشني طير ابن برمان
يشيل الحيّة الرقطا وفي حضني يدربيها
وأنهى ابن شريم القلطة ناصحا
تعلّم بالنفع والسيف خله لك مقاد حصان
ولا تشرف على الغبة وغالي الروح تهفيها
أنا ما شفت موجٍ يا قبيلي طاش به زيران
بحورٍ مستكن شرها وارزاقها فيها

تعليق واحد

اترك رد