أثر الاحتلال العراقى لدولة الكويت على ثقافتها

أثر العدوان والاحتلال العراقي على الثقافة في دولة الكويت

شهدت دولة الكويت في صبيحة 2/8/1990م ، مأساة العصر حيث كانت حراب النظام العراقي تنال كل شيء ، والتعليمات الصادرة من قيادة الغزاة في بغداد بضرورة الإسراع في نقل كل ما يتعلق بالأنشطة الثقافية والتعليمية والبحثية إلى محافظات العراق الأخرى ، مما أدى إلى تدمير تلك المواد وسرقتها.

ونتيجة لذلك العدوان والاحتلال العراقي لدولة الكويت ، افتقد المثقف العربي الإصدارات المتميزة التي كان هدفها تنمية العقل العربي وتطوير معرفته بما حوله ، حيث إن حركة الفكر والثقافة تمثل زادا يوميا لمن هم في دولة الكويت ، وشريانا حيا يضخ بصفة منتظمة أنواعا متعددة من المعارف والثقافات لمن هم خارج دولة الكويت

كما نتج عن ذلك أن امتلأت أضابير منظمة اليونسكو بتقارير متنوعة ومتعددة من علماء وباحثين ومتخصصين دوليين ومحايدين تصف بكل أسى وحزن أحوال المؤسسات الثقافية والعلمية والبحثية الرسمية والشعبية بعد أن دمرها الغزاة ونهبوها. فقد ذكر ( ج. بيون) عضو لجنة الأمم المتحدة لحصر الأضرار التي لحقت بالمؤسسات التربوية والعلمية والثقافية ومؤسسات البحث والاتصال في دولة الكويت من جراء العدوان والاحتلال العراقي فقال: “من الصعب فهم السبب الذي كان يكمن وراء الدمار الهائل الذي أصاب المواد والكتب والمطبوعات وأوعية المعلومات التابعة للمنظمات الإقليمية والدولية ونقلها إلى بغداد ، ولابد أن ذلك كان جزءا من مخطط يهدف إلى تدهور مركز الكويت من دولة مستقلة ذات سيادة لتصبح مجرد محافظة عراقية.”

والمؤكد أن الذين سرقوا تلك المطبوعات والكتب ليسوا من المؤمنين بما تجسده تلك الأعمال الفكرية التي سرقوها ، حيث إن كل الخسائر المادية تتضاءل مقارنة بالخسائر في المواد الثقافية.

فالكتب استخدمت من قبل الجنود العراقيين كوسادات للنوم أو ركائز للتحميل عليها أو لإشعال النار للطبخ وإعداد الوجبات أو للتدفئة في الليل. كما استخدمت المدارس كثكنات للجيش. هذا كان أحوال أوعية الثقافة وبعض مؤسساتها في دولة الكويت بشهادة أحد المراقبين الدوليين المحايدين. أما عن دور النشر والمكتبات ومراكز الصحف والمطابع فقد نهبت محتوياتها وسرقت كل المراجع والدوريات القيمة والمخطوطات النادرة ، بالإضافة إلى سرقة الأجهزة والآلات.

وبعد التحرير مباشرة بدأت العقول في ممارسة نشاطها مرة أخرى ، وعكف الجميع على جمع ما تناثر من أجزاء ذلك البناء الثقافي العريق ، وظل المتخصصون يرممون مؤسساتها ويعيدون إليها روحها لتواصل العطاء ، وانطلاقا من ذلك الإيمان الذي لا يخبو أبدا في نفس الإنسان الكويتي وعقله بوحدة الثقافة العربية توجه الاهتمام الرسمي والشعبي أول ما توجه إلى ما يمثل ذلك التيار الفكري العربي.

ثم عادت باقي المؤسسات الثقافية بعد إصلاح مرافقها إلى مواصلة إصداراتها المتميزة ، وأنشئت بعض المؤسسات والمراكز البحثية الجديدة التي يأتي في مقدمتها مركز البحوث والدراسات الكويتية ، وهو معني بالبحث في كل ما يتمثل بالكويت من الناحية التاريخية والجغرافية والثقافية ، كما يدرس ويحلل الظروف التي أحاطت بالعدوان العراقي على دولة الكويت ويتناول بالتوثيق والبحث كل ما خلفه ذلك العدوان من وثائق عراقية ، ويتصدى المركز كذلك للرد على الافتراءات حول دولة الكويت ووجودها.

وقد وصل عدد إصداراته حتى الآن ( سبتمبر 1999) إلى 105 إصدارات بلغات مختلفة العربية والإنجليزية والفرنسية والروسية والبلغارية والصينية.

ومن بين المؤسسات الثقافية الجديدة أيضا الصندوق الوقفي للثقافة والفكر التابع للأمانة العامة للأوقاف التي بدأت نهجا جديدا في استخدام الأساليب الحديثة للاستفادة من أموال الوقف ، ومن أبرز أهداف هذا الصندوق نشر الثقافة الإسلامية وتأصيل الفكر الإسلامي المستنير ، وتشجيع البحث العلمي ودعم طلاب العلم وذوي المواهب الثقافية ، ودعم وتنمية ثقافة الطفل وغرس الاهتمام بالثقافة في نفوس النشء ، وخلال فترة وجيزة من إنشاء هذا الصندوق بدأ في إنتاج برامجه وإصداراته فنظم مهرجان اقرأ للناشئة ، ونادي الفتيان ، وأقام مهرجان كاظمة الثقافي ، وأنشأ نادي أنيس لتشجيع الأطفال على القراءة.

تعليق واحد

اترك رد