متحف طارق رجب في “الكويت”

 نحن الآن بين أروقة المتحف الخاص الذي يقوم بعرض جميع كنوز الفن الإسلامي  للعامة وتشتمل هذه الكنوز على الأعمال من السيراميك والمجوهرات الذهبية والفضية والمخطوطات العربية  والمشغولات المعدنية والزجاجية والأزياء العربية القديمة والآلات الموسيقية وكانت البداية في ذلك عام 1980 .

تتكون المجموعة الخاصة بطارق رجب من أكثر من 30 ألفًا من الكنوز الإسلامية والتي تم تجميعها على مدار السنين والمتحف يضم بين جدرانه عشرة آلاف قطعة أثرية مجمعة يتم عرضها للعامة.

ينقسم المتحف إلى قسمين رئيسيين، المنطقة (أ) والمنطقة (ب)، وتعرض كل منطقة مجموعة رائعة من الأعمال اليدوية والتي يرجع عمرها إلى 250 عام تقريبًا.

إن متحف طارق رجب مجموعة من المنازل تحتوي على أكثر من ثلاثين ألف المواد التي تم جمعها على مدى السنوات الخمسين الماضية ، منها نحو عشرة آلاف على عرض دائم.

التعريف بصاحب المتحف

طارق سيد فخري السيد رجب(1935-) مدير إدارة المتاحف.

وهو أحد رموز الحركة الفنية في الكويت،وهو من أوائل الكويتيين الذين تأهلوا في مجالات التنقيب الأثري.

وعن صاحب المتحف نقول ” طارق سيد رجب هو أول كويتي أُرسل إلى الخارج لدراسة الفن وعلم الآثار.. في حين كان طالب في المملكة المتحدة ، التقى زوجته  Wellborne ، التي كانت مهتمة منذ طفولتها ، بالفولكلور والفنون وخاصة الشعوب والأقليات.

 وتزوجها في 1955 .. وبعد عودته إلى الكويت تم تعينه كأول مدير إدارة الآثار والمتاحف من الكويت. واستقال من منصبه في عام 1969 ومع زوجته الجديدة من فتح مدرسة للغة الانجليزية للأطفال الكويتية والأجنبية. خلال ذلك الوقت كانت تشارك بالفعل في جمع المواد لمتحف المستقبل خاصة بهم.

وقد سافر جميع أنحاء العالم الإسلامي وخارجه لوسط وجنوب شرق آسيا والشرق الأقصى ، وجمع التحف وتصوير المعالم الأثرية ، والشعوب ، وعاداتهم ، أنهم يعتقدون أن كل الأشياء يمكن استخدامها وعرضها في متحف. ونتيجة لعملهم الشاق والبحث ، كانوا قادرين على فتح المتحف أمام الجمهور في عام 1980

مؤهلاته:
دراسات عليا متحف أورهس دان مارك

المتحف ينقسم إلى قسمين

الأول : الخط ، المخطوطات ، المصغرون ، السيراميك ، والمعدنية .  والزجاج ، اليشم ، والخشب والحجر بين المنحوتات .

الثاني  : ويتضمن الأشياء التي أنتجت في العالم الإسلامي خلال 250 عاما ً الماضية أي الملابس ،
والمنسوجات والحلي والآلات الموسيقية.

وبالقرب من صالة العرض توجد حجرة مزخرفة مخصصة لحفظ نسخ من القرآن الكريم وهي مزخرفة بشكل رائع

بآيات قرآنية وصنعت في اليمن وتعود لعام 1851م.

ويقع المتحف في منطقة الجابرية و يضم مجموعات نادرة من المصاحف .

ويحتوي المتحف على العديد من المخطوطات العربية والفخاريات الإسلامية وادوات موسيقية وأثاث عربي إسلامي قديم هذا بالإضافة إلى المجوهرات الذهبية منها والفضية والمشغولات المعدنية.

والمطرزات والأزياء العربية القديمة والسيراميك والمنمنمات والدروع وكلها تعود إلى عصر الحضارة الاسلامية ومن ضمن تلك المجموعات النادرة والقيمة:

1- نسخة  من القرآن الكريم تعتبر الاحيدة من نوعها حيث تعود إلى القرن الرابع هجري/ الحادي عشر ميلادي وقد كتب بالخط الكوفي.

2-  سوار ذهبي من العصر الفاطمي يعود للقرن الحادي عشر الميلادي.

3- مجمرة البخور (مبخرة) من العصر السلجوقي ( 1038- 1194 ) ميلادي من سوريا أو مصر.

4- مجموعة من السيوف والخناجر تعود للقرنين الميلاديين الثامن عشر والتاسع عشر وأوائل القرن العشرين ميلادي.

5- كرسي خشبي مزخرف يعود للقرن التاسع عشر ميلادي.

تمثل أكبر وأفضل مجموعات التحف الإسلامية في الكويت .. وهي

تحف ذات أهمية تاريخية كبيرة ومنها :-

باب ضريح السلطان المملوكي “برقوق”، قلادة كانت ملك لأميرة الزنجبار، ولوحة مخطوطة بيد أحد سلاطنة الإمبراطورية العثمانية.

وعبر الأبواب الخشــــبية المنحوتة التي تعود إلى القرن الثامن عشــر من سلسلة من السلالم إلى المعرض العلوي الذي يطل على نقطة مركزية مكشوفة تتدلى فيها ستة أمتار من ستائر الكعبة، وهذه الستائر النفيسة، والتي كانت سابقا جزءا من كسوة الكعبة، مزخرفة ومطرزة بخيوط من الفضة والذهب وتعود للقرن التاسع عشر،ويضم المتحف مجموعة كبيرة من الأقمشة المطرزة من داخل وخارج الكعبة بشكل يعكس عمق تأثير وجلال هذا المكان المقدس في النفوس، حيث توجد ثلاث ستائر كبيرة من الباب الخارجي والحزام الكبير الذي يحيط الكعبة وبعض الستائر من الداخل والتي صنعها السلاطين العثمانيون.

يروي المتحف تاريخ تطوّر الخطّ الإسلامي بعرض أمثلة مبهرة الواحد تلو الآخر، تبدأ القصة مع عيّنات قديمة جداً من مخطوطات الكوفي (Kufic)  “من القرن الأول بعد الهجرة “القرن الثامن ميلادي،  وتواصلت مع أعمال أشهر الخطاّطين على مر العصور. قليلة هي القطع المعاصرة المعروضة، ولكن ينصبُّ التركيز على الأمثلة التاريخية بما فيها أعمال بعض السلاطين العثمانيين التي لا مثيل لجمالها.

لا تغطي قصة تاريخ الخط العربي نطاقا زمنيا محدداً فقط وإنما أيضاً منطقة جغرافية شاسعة تمتدّ من الصين إلى المحيط الأطلسي، وتعرِض الصالات، التي بُنيت لهذا الغرض، هذه الكنوز من جميع أنحاء العالم الإسلامي بشكل رائع.

طارق رجب هو الرجل الذي أسّس هذا المتحف الفخم، وهو أفضل مدير كويتي في دائرة الآثار والمتاحف، وهو فنان ومصوّر ومُعلِّم ورائد في الفن أيضاً، وقد ساهم وزوجته جيهان بشكل هائل بهدف توثيق تاريخ الكويت والحفاظ على تقاليدها، فـأسّسا في العام 1980 متحف طارق رجب، وهو يضمُّ مجموعة مذهلة من الأعمال الفنية من جميع أنحاء العالم الإسلامي.

أبواب  المتحف عبارة عن زوجٍ من الأبواب الخشبية المنحوتة تعود إلى القرن الثامن عشر من مدينة حيدرأباد في باكستان. وتؤدي سلسلة من السلالم إلى المعرض العلوي حيث يُطلّ على نقطة مركزية مكشوفة تتدلى فيها ستة أمتار من ستائر الكعبة المقدسة في مكة المكرّمة.

هذه الستائر النفيسة، والتي كانت سابقاً جزءاً من كسوة أو غطاء للكعبة، مزخرفه ومطرزة بخيوط من الفضة والذهب  وتعود  للقرن التاسع عشر، وقد تتلطخ خيوط الفضة على مرّ السنين، ويسودّ لونها.

يقول السيد رجب عن متحفه : «لدينا مجموعة كبيرة جداً من الأقمشة المطرّزة من داخل وخارج الكعبة»، وهذا يشمل ثلاثة ستائر كبيرة من الباب الخارجي، والحزام الكبير الذي يحيط الكعبة، وبعض الستائر من الداخل والتي صنعها السلاطين العثمانيون».

ويشرح  أن «الكسوة» تتغيّر سنوياً ويتم تقديم قطع منها في بعض الأحيان إلى رؤساء دول أو غيرهم من كبار الشخصيات.

وكانت تُنتج سابقا في مصر، أمّا اليوم فيقوم السعوديون بصنعها بأنفسهم، ويشير إلى بعض الثقوب في إحدى الستائر «يمكنكم أن تروا من أين قد أخذ بعض الحجاج قطعاً صغيرة كتذكار».

وفي أول صالة عرض بالمتحف لوحة  كبيرة  ملونة بالذهب على خلفية سوداء، وقد رسمها السلطان محمود خان الذي حكم الإمبراطورية العثمانية من العام 1808 إلى العام 1839 وكان خطّاطاً ماهراً.

وأوضح السيد رجب أن السلاطين والملوك والأباطرة افتخروا بكونهم خطاطين ماهرين إذ كان الفن يشكلّ أسمى مركز. فكان شرف كبير أن تصبح خطاطاً ماهراً تحت إشراف أحد المعلمين، وكانت المهارة تتطلب فترات طويلة من الدراسة مع ساعات عديدة من الممارسة خلال النهار وإضافة إلى ذلك اختبارات صعبة للغاية.

وتوجه الحاكم العثماني، السلطان علي، في أطروحته لطلاب الخط العربي «سوف  تتخلون عن النوم حتى  في سنوات عطائكم».

وفي الغرفة نفسها تعلّق”ستارة باب التوبة” إضافة إلى لوحة السلطان محمود. وهذا الستار المميز، والمطرّز بخيوط الذهب والفضة على المُخمل الأحمر، معلّق داخل الكعبة المقدسة، يغطي الباب الذي يؤدي إلى الأدراج والتي بدورها تؤدي إلى سطح الضريح.

وتشكل لوحة  أخرى، بطول عشرة أمتار، مثالاً آخر لأعمال السلطان محمود وهي مصنوعة من خيوط الذهب والفضة، وهي أيضا داخل الكعبة المقدسة. وهي عبارة عن الإسم الكامل للسلطان وأسلافه كما تحمل توقيعه.

وبالقرب يوجد  حجرة مزخرفة مخصصة لحفظ نسخ من القرآن الكريم  وهي مزخرفة بشكل رائع بآيات قرآنية. وقد صنعت في اليمن، وتعود للعام 1851م.

والخط العربي يظهر بوضوح أيضاً على مجموعة من دنانير الأمويين الذهبية.

حيث بدل الخليفة الإسلامي العملة في المنطقة بالاستعاضة عن الصوّر بكلمات أغلبها مقتبسة من القرآن الكريم. وتشرح المعلومات المطبوعة إلى جانب الأحجار النقدية بأن أول عملة ذهبية إسلامية أو الدينار سكّ خلال عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان في أواخر العام 696 م. وتتراوح مجموعة الدينار الذهبية المعروضة من الفترة بين 697 الى 749 بعد الميلاد، عندما خلف العباسيون الأمويين.

 ويوجد في الغرفة التالية العنبر وغيره من الأحجار شبه الكريمة والمنقوشة بالخط العربي، كما وتعرض الأدوات التي يستخدمها الخطاط: القَصب، المعدن، وأقلام باللون الأخضر (Jade) والسكاكين، ملعقة  صغيرة لخلط الصبغات، عُلب للأقلام، وأوانٍ للحبر، مقص، محابر، وصناديق أقلام. ويشرح شريط فيديو عملية التخطيط  فضلا عن فن صناعة الورق وإعداده لعملية الكتابة. ويوجد على لوحة كبيرة اقتباس من الخطاط الشهير ابن بواب، الذي عمل في بغداد في بداية القرن الحادي عشر بعد الميلاد،  حول «كيف تصبح خطاطاً»؟

وقال  السيد رجب أن متحف سنغافورة قد استعان بجزء من مجموعة الخط الخاصة حاليا بينما تعرِض مجموعة أخرى في متحف قلعة الهيلكون  في كيزيثلي في هنغاريا.

ونصل إلى غرفة الهيليات. وهي  الهيليات هي لوحة مخطوطة تذكر أعمال صفات النبي محمد (صلى الله عليه وسلم).وأعُطي الخطاط المعروف في القرن السابع عشر، حافظ عثمان، براءة  اختراع الهيليات التي أصبحت معروفة في تركيا العثمانية بشكل خاص. ويقول السيد رجب إنه «كان على كل خطاط إكمال الهيليات وهنا لدينا بعض الأمثلة لخطاطين مشهورين جداً».  ونرى في غرفة بعد غرفة روائع فن التخطيط. ويشير السيد رجب إلى أن جميع البلدان المسلمة ساهمت في تطوير شكل هذا الفن  وفي تقديم أساليب جديدة. ففي أندونيسيا يوجد نموذج منقوش للقرآن على أوراق النخيل المجففة مع مسمار، ويعود تاريخها إلى العام 1843 بعد الميلاد. ويوجد قطع من أوراق النخيل مصفوفة بشكل أفقي على لوحة رقيقة ومخاطة مع بعضها البعض، فيصبح عرض الكتاب متراًً وربع المتر عندما يُفتح.

وقدّمت إيران إبريقاً زجاجياً رقيقاً، مزيناً بمجموعة من الطيور ونقوش تقول «بركات للمالك». وضع في أواخر القرن الحادي عشر أو أوائل القرن الثاني عشر. وفى الغرفة نفسها يوجد صندوق خشبي جميل بشكل يورت (yurt)، وهي خيمة جلديّة سكنية لبدو آسيا الوسطى. وهي منقوشة بآيات قرآنية ويعود تاريخها لنفس تاريخ الإبريق.

  ويوجد من الهند، قطعة قماش من القطن  حيكت عليها آيات قرآنية ويعود تاريخها إلى العام 8961 م. على المرء أن يتعجب أن قطعة من القماش بهذه الرقة والهشاشة والتي تبدو بخف الهواء، بقيت من أواخر عصر المغول بهذه الحالة الجيدة .

ويُعلق على الحائط العلوي بأكمله قطعة ورقية مخطوطة بشكل رائع، صنعت في سوريا في أوائل القرن العشرين. وكتب الخطاط آيات من القرآن الكريم بخطوط صغيرة عبر سبعة أمتار وتابع بقطعها بأكملها. فالنتيجة  دليل ملهم لما يمكن إنجازه بالصبر والمهارة العالية والسكين الحاد. وتوجد غرفة كاملة يُعرض فيها نماذج للخط الصيني على الورق والسيراميك. وعلى الرغم من أن الخطّ يعتمد على الحروف العربية فيمكن إعادة جذوره إلى الأصول الصينية وذلك بسبب استخدام الريشة المصنوعة من خصل الأحصنة خلافاً لريشة القلم.

ووصل الورق إلى العالم الإسلامي من الصين عبر آسيا الوسطى في القرن الثامن بعد الميلاد وكان تطوراً مهما لفن الخطّ. وكانت جلود الحيوانات والرّق تستخدم في الكتابة قبل اختراع الورق.

ويضيف السيد رجب: «أن الرّق كان مستخدماً على نطاق واسع لبعض الوقت لكتابة القرآن إذ كان يعتبر أكثر صيانة من الورق».

ويتفق العديد من العلماء على أن الخطاطين العثمانيين (الأتراك) هم الأكثر موهبة من بين مختلف سلالة الخطاطين، فطوّر العثمانيون خطّاً يسمّى «الديواني» وهو يشير إلى كلمة الديوان ويستخدم في وصف مجلس الدولة أو المكتب الحكومي. وكان يستخدم العثمانيون وفيما بعد البلدان العربية هذا الخطّ المتقن والمزين، بشكل رئيسي، في الوثائق الرسمية.

ويحتوي المتحف أيضاً غرفة تعرض رسائل ووثائق أصدرها مختلف السلاطنة العثمانيين والملوك المصريين وغيرهم من الملوك وتشكل كل منها قطعة فنية مميزة.

ويقول رجب إنه «حتى لو لم تستطع قراءة اللغة العربية، يمكنك أن تنظر إلى الخط كما لو كنت تنظر إلى لوحة وتتمتع بها كما لو كانت فنا تجريديا».

إن متحف طارق رجب  للخط الإسلامي هو المتحف الوحيد من نوعه في العالم العربي كله، ونحن محظوظون لوجوده هنا في الكويت. فلا تضيعوا الفرصة في هذه التجربة النادرة  والتفوق التقني الفريد من نوعه والجمال الإلهي.

2 تعليق

اترك رد